نشرت الحكومة وسائل التواصل «بمنظومة الشكاوى الموحدة» التى تم استحداثها لتلقى شكاوى المواطنين، فى خطوة جديدة للتواصل بين الجمهور والحكومة عبر هذه الآلية، التى يتم العمل بها على حل المشكلات التى قد يواجهها المواطن لضمان حصوله على حقوقه العادلة والسعى لمكافحة الفساد.
فى السطور التالية نستعرض آلية عمل هذه المنظومة، ونجيب على تساؤلات المواطنين حول كيفية تواصل المواطن معها لنقل شكواه ومشاكله، ومتى يتم تطبيق نظام الحكومة الالكترونية بالجهاز الادارى للدولة بعيدا عن البيروقراطية والروتين، وهل تكون العاصمة الإدارية الجديدة بعد نقل الوزارات إليها بداية الاصلاح الادارى وبدء انطلاق ميكنة الخدمات الحكومية لمواكبة التطورات التكنولوجية وثورة الاتصالات .
يوضح الدكتور طارق الرفاعى مدير منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة أن المنظومة أنشئت بقرار رئيس الجمهورية رقم 314 لسنة 2017 وقرار المهندس رئيس مجلس الوزراء رقم 1855 لسنة 2017 بشأن إنشاء منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة وإعادة تنظيم مكاتب خدمة المواطنين، والهدف منها تيسير سبل تواصل المواطنين مع الجهات الحكومية، ونص القرار على استقبال الشكاوى وفحصها وحلها، مشيرا إلى أن المنظومة مرتبطة بشبكة الكترونية بجميع المحافظات والوزارات والهيئات الحكومية..و القرار الخاص بها نظم دورة عمل المنظومة وتشكيل لجان برئاسة قطاع مكتب الوزير فى كل وزارة، وبرئاسة سكرتير عام المحافظة كل فى محافظته، ويعد كل منهم يقدم تقريرا دوريا يرفع لرئيس مجلس الوزراء حول ما تم اتخاذه من إجراءات للتعامل مع ما يرد للمنظومة الموحدة من شكاوى المواطنين، وما يتم رصده من مطالبات عبر وسائل الإعلام المختلفة والمواقع الإلكترونية، مع التأكيد على سرعة التعامل مع الشكاوى الواردة من المواطنين، والوجود المستمر لمختلف القيادات التنفيذية بالمحافظات لحل أى مشكلات تواجههم.
وأشار الرفاعى إلى أن المنظومة استقبلت مليوناً و122 ألف شكوى من بداية التشغيل فى النصف الثانى من العام الماضي حتى الآن، وتم حفظ 200 ألف شكوى لأسباب متنوعة من بينها عدم الجدية أو التكرار أو الكيدية، وأحيانا بناء على رغبة الشاكى عندما يجد أن الشكوى التى تقدم بها ليست من حقه .
وأضاف أن نسبة إنجاز منظومة الشكاوى فى الرد على شكاوى المواطنين بلغت 84% وأكثر الشكاوى تتعلق بالخدمات الحيوية فى مختلف الوزارات والمحافظات التى يتعامل معها المواطنون ومن أبرزها وزارة التموين، وخاصة تنقية بطاقات التموين والمنظومة الالكترونية الجديدة للبطاقات الذكية، ويجب توجيه الشكر للاستجابة الفورية من الوزارة لحل الشكاوى التى ترد للمنظومة ويتم حلها بشكل سريع وفوري.
مرآة كاشفة
ووصف الرفاعى الشكاوى التى ترد لمنظومة الشكاوى الحكومية بأنها «مرآة كاشفة» لبعض نقاط الضعف فى بعض الأماكن التى تقدم خدمات مباشرة للجمهور، وبناء عليه يتم استحداث نظم وآليات لمعالجة أوجه القصور فى هذه الأماكن، وهناك تجاوب كبير من هذه الجهات التى تستجيب لحل المشكلة فى نفس اليوم فى أحيان كثيرة، وفريق العمل بالشكاوى الحكومية الموحدة لا يقتصر عمله على الرد على الشكاوى التى ترد إليه، بل يتم فحصها وبحث ما نشر على وسائل التواصل الاجتماعى «السوشيال ميديا» والمواقع الالكترونية للصحف خاصة الشكاوى التى لها بعد جماهيرى واجتماعى وإنسانى وصحى .
خطوات عمل المنظومة
واستعرض مدير منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة آلية عمل فريق المنظومة بداية من تلقيه الشكاوى عبر الخط الساخن رقم (16528) أو عبر الموقع الخاص بالبوابة الالكترونية للمنظومة http://shakwa.eg، حيث يتم استقبال الشكوى وتسجيلها بالتفاصيل ثم يعاد الاتصال بالمواطن للتأكد من مضمون الشكوى وتوفير المستندات والبيانات الأساسية التى تفيد فى عملية الفحص، ويقوم فريق العمل ببحث الشكوى مع جهة الاختصاص، وأحيانا يكون هناك أكثر من جهة اختصاص فى أكثر من وزارة ويتم توجيه الشكوى مرحليا خطوة بخطوة حتى يتم حلها بشكل نهائي، وإذا تطلب الفحص وجود مستندات يتم توجيه الشاكى بتوفيرها، والتوجه للجهة المعنية بعد التنسيق معها وفى حالة عدم أحقيته فى الطلب المقدم يتم إخطار المواطن .
تقييم الأداء الحكومى
وأوضح مدير منظومة الشكاوى الحكومية أنه فى إطار الحرص على التواصل المستمر مع المواطنين، أصدر مركز المعلومات بمجلس الوزراء تطبيقا للهواتف الذكية يساعد المواطن على تقييم الأداء الحكومي، من خلال رصد وتسجيل قضايا الشارع التى يصادفها فى مجالات متعددة (الخدمات الصحية إشغالات الطرق كهرباء مياه شرب وصرف صحى - طرق ومواصلات وغيرها)؛ للعمل على تحسين الأداء من خلال (مرصد المواطن) على مستوى جميع المحافظات ..و قرار رئيس مجلس الوزراء نص على أن تقوم منظومة الشكاوى الحكومية بتشكيل لجان منها للمرور على الجهات التى تقدم خدمات للجمهور للرقابة والتفتيش لضمان جودة الارتقاء وجودة الخدمات المقدمة ورفع تقارير دورية بمستوى الأداء المقدم للمواطنين، مشدداً على ضرورة الوجود المستمر لجميع القيادات التنفيذية بمختلف المواقع للتعامل الفورى مع أى مشكلات وسرعة حلها، فضلاً عن تكثيف الحملات لإزالة أى تعديات أو مخالفات.
مكملة للخدمة المدنية
ويرى الدكتور ممدوح إسماعيل عضو لجنة صياغة اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية الجديد وأستاذ الإدارة بجامعة القاهرة أن منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة مكملة لقانون الخدمة المدنية الذى صدر عام 2016 واستهدف تحقيق مصلحة المواطن الذى يعد «الهدف الرئيسى للإصلاح الإداري»، كما أن الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة اهتم بمحور ميكنة الخدمات الحكومية الالكترونية، لأنها وسيلة جيدة وحديثة للتواصل مع المواطن وآلية فعالة وسريعة لحل مشاكلة ، ومنظومة التقنيات الجديدة قائمة على الميكنة، ولعل انعقاد مؤتمر التميز الحكومى بالشراكة مع دولة الإمارات الشقيقة فى يوليو الماضى لنقل تجربة دبى فى هذا المجال كان مهما جدا.
ولقد أنجزنا حوالى 40% من التجهيزات والمتبقى تطبيقات تنفيذية وحاليا يتم الاهتمام بالعنصر البشرى من خلال تنمية مهاراته ببرامج تدريبية فى مجال تكنولوجيا المعلومات، ومواكبة التطورات وثورة الاتصالات التى نحن بصددها وتقنين تقديم مسألة الشكاوى الالكترونية سيكون أكثر فعالية مع الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة التى تم تجهيزها ببنية تقنية على أعلى مستوى تكنولوجى وتوفير عمالة مميزة ومدربة تدريبا عاليا، وتوفير موازنة مالية ضخمة وتخطيط علمى مدروس لوضع نظام تكنولوجى هدفه تحقيق إصلاح إدارى شامل غايته تقديم خدمة جيدة راقية للمواطن المصرى و سيختفى استخدام الأوراق فى المستقبل وكذلك الشكاوى التقليدية من تأخر تقديم الخدمات للمواطنين بسبب الروتين والبيروقراطية لأنه سيتم إنهاء كافة الخدمات عبر البوابة الالكترونية ومنظومة بوابة الشكاوى ستكون جزءا أصيلا فى الحكومة الالكترونية الجديدة..فالتحديات ليست بشرية فقط ولكن معلوماتية وتقنية .
حق دستوري
وأكد د . محمد عطية الفيومى عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب أن الشكوى حق دستورى أصيل لكل مواطن ولكن يجب إحسان استخدام هذا الحق من قبل بعض المواطنين، ومن الضرورى تنظيم هذا الحق والجهة المشكو فى حقها والمسئولة عن الرد على هذه الشكاوي، ووجود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة أمر ليس بالجديد ولكن تفعيله هو المهم حتى يشعر المواطن أن حقه لن يضيع وأيضا ليعلم الموظف أن الحكومة حريصة على وصول هذا الحق للمواطن وأن تقصيره فى أداء عمله لن يمر دون حساب .
و الشكاوى 3 أنواع : شكوى حق لمواطن لم يحصل عليه، وشكوى لمحاربة الفساد، وشكاوى كيدية ويجب التفريق فى التعامل مع كل منها، وفى حالة ثبوت أن الشكوى كيدية أو تتضمن معلومات مغلوطة فيجب توقيع عقوبة على الشاكي، وإذا ثبت أن للمواطن حقا فلابد أن يحصل عليه، وفى المقابل فإن تقصير أى موظف يجب أن يحال للتحقيق من الإدارة القانونية بجهة عمله ويعاقب على ذلك، كما أن الأجهزة الرقابية ترد لها شكاوى وتهتم بها وتفحصها سواء كانت مجهولة المصدر أو معلومة، وهناك دول كثيرة تفعل قانون حماية الشهود الذين يدلون بمعلومات عن فساد ويحميهم من بطش المشكو فى حقه.
وشدد الفيومى على أنه فى جميع الأحوال لا يجوز إساءة استخدام هذا الحق من قبل الشاكي، ولابد أن تكون الشكوى معلومة المصدر كى يتفرغ الجهاز الإدارى للدولة للقيام بدوره ومهامه دون إهدار الوقت ..ونبه إلى أن كل المحافظات بها إدارات لتلقى الشكاوى ولديها تقييم إدارى ومالي، كما أن لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان تبحث وتفحص أى شكاوى يتقدم بها النواب عن دوائرهم بالمحافظات فى حال طلبهم تدخل اللجنة للمشاركة فى حلها.
فريق المتابعة
ويقول الدكتور إيهاب الدسوقى رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية إن المواطن يجب أن يحصل على خدمة جيدة من الجهات الحكومية التى يتعامل معها، ويجب تفعيل منظومة الشكاوى الالكترونية، والأصل هو وجود إدارة فى كل جهة رسمية لحل مشاكل المواطنين، كما يجب تخصيص فريق عمل فى كل مؤسسة وهيئة ووزارة ومحافظة لفحص شكاوى المواطن وحلها ، ومن الضرورى تدريب العاملين بالمحافظات على سرعة إنجاز الأعمال المكلفين بها ومتابعة الشكاوى وربط كافة المواقع الإلكترونية الخاصة بشكاوى المواطنين لجميع جهات الدولة مع منظومة بوابة الشكاوى الحكومية لمجلس الوزراء، والتى تتلقى آراء ومقترحات المواطنين فيما يقدم من خدمات حكومية وشكواهم لسرعة الرد عليها اختصاراً للوقت.
ولفت الانتباه إلى أن فريق المتابعة موجود فى كل دول العالم، ومع ميكنة الخدمات وتطبيق الحكومة الالكترونية ستختفى كل مشاكل الروتين، وأشار إلى أن تطبيق قواعد الحوكمة والشفافية فى إدارة المؤسسات الحكومية سي عزز من استعادة ثقة المواطن فى الحكومة والجهاز الإدارى للدولة، وسيكون له مردود اقتصادى فى إنجاز العمل، ومنع هدر الوقت وتخفيف الزحام فى الطرق وفى الهيئات الحكومية أيضا.
رابط دائم: